Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
سرييجنا

قصص من الواقع (9) ...الذهاب الى الزيتونة بالقل 

28 Juin 2020, 09:02am

Publié par سفير

 قصص من الواقع                                                           

الذهاب الى الزيتونة بالقل                                                           

بقلم                                                          

عبد السلام بن العربي                                                

 

     ed5596282f11b52395b2cbeba8085de8.jpegدق الجرس في بيتي وكانت الساعة تشير الى الثامنة والربع صباحا وكان المتكلم سكرتير ادارتنا وقد طلب مني الالتحاق بوجه السرعة بالادارة. مع العلم بان المسافة الفاصلة بين الموقعين لا تتعدى 1000 متر على اكثر تقدير فكان الالتحاق بموقعي في دقائق قليلة. وقد افهمني السكرتير بموعد مستعجل  مع السيد والي الجهة وكان ذلك يوم السبت 31 دجنبر 1994 وهو اخر يوم في السنة الجارية. قلت في نفسي ما علاقتي بذلك الموعد ومدير الادارة موجود  حتى وان كان في تلك اللحظة خارج المكتب مع العلم اناني لا اقوم بمهام النيابة. استعجلت الامر وذهبت على وجه السرعة الى ديوان الوالي لاتصل برئيسه الذي قال لي بان هناك اجتماع مع سيادة الوالي فهرولت مسرعا الى مكتبه فقال لي الاجتماع ليس هنا ولكن في الزيتونة اي في اعالي جبال القل. والذهاب الى جبال الزيتونة كالذهاب الى جبال الزبربر في ولاية البويرة او بورابورا في افغانستان.اتصلت بزوجتي فاخبرتها بمكان توجهي فقالت لي مع السلامة وهي لا تعلم مكان بلدة الزيتونة

دبت حركة في اوساط المدراء من اعضاء المجلس التنفيذي وبدا البعض يتسرب خفية كانه لم يسمع بالامر اما انا فقد فكرت في الامر واتخذت القرار بالذهاب رغم ما اصاب موكب والي تسمسيلت قبل اشهر  وبالرغم من ان الزيتونة في ذلك الوقت كانت تحت سيطرة الجماعة الاسلامية المسلحة.قلت بان الجميع في خطر في المنزل اوالمكتب اوالشارع فلما لا يكون التحدي بالذهاب الى عقر دارهم وهو ما فعله والي الجهة السيد مرابط حين قرر اخذ زمام المبادرة والتوجه بلباسه العسكري الى  جبا القل اي في مواجهة  هؤلاء والايام كانت شاهدة على هذا التوجه

 بدات سنة 1994 كانت  بداية صعبة حيث وصلت شرارة الارهاب الى ولاية سكيكدة سنتين بعد انتشارها في وسط البلاد حيث قامت مجموعة مسلحة بالاعتداء على احد البنوك في بلدة بني ولبان في غرب الولاية وقد استدعي الدرك الوطني للتدخل وقد تم ذلك فعلا حيث توجه ملازم قائد كتيبة الحروش على راس مجموعة من الافراد لملقاة المجموعة الارهابية التي توارت عن الانظار وتوجهت للجبال المجاورة لتنصب كمين لافراد الدرك الوطني وكانت الفاجعة بفقدان حياة الملازم الشاب قائد تلك الكتيبة وقد تبع ذلك بسلسلة من التهديدات  طالت اطارات الدولة وكان الجميع في حيرة من امره لان الدولة كانت في بداية المعركة وكان ينقصها العديد والعتاد والخبرة والصعود الى الزيتونة في تلك الاجواء كان بمثابة الذهاب الى الجحيم

توجه كل اطار الى سيارته وتوجهت انا الى سيارة احد الزملاء الذي نصحني بالمغادرة لانني لم اكن معني بالاجتماع ولان حضوري لم يكون اجباريا باعتبار ان  مدير الادارة يس في مهمة وقلت له بان هذه الجولة  يجب تسجيلها وتخليدها اي انني ساغامر بنفسي. لم تكن الوحدات العسسكرية والامنية بنفس الكثافة والمهنية الحالية فقد تم تاسيس في ذلك الوقت وحدات التدخل السريع التابعة للجيش الجزائري التي واكبتنا بعربتين من الامام والخلف. انطلق الموكب متجها الى القل عن طريق سيدي مزغيش لان الطريق السطيحة كان يمثل خطر حقيقي على المارة وخاصة لموكب رسمي بهذا الحجم والاهمية. كنا في طول الطريق نتكلم عن الموت وسارع احد الزملاء ليقول بانه لن يموت قبل عدة مسؤولين لانه غير معروف كما تساءلنا عن عدم تسليح تلك الاطارات في حالة هجوم وكان  منتظر. وصلنا الى القل فاتجهنا الى مقر الدائرة  المسماة المعتمدية في تونس او القائم مقام في الشرق العربي.استقبلنا السيد رئيس الدائرة الذي اخبرنا بان وحدات الجيش دخلت البارحة الى الزيتونة بعد سيطرة لاشهر للجماعة الاسلامية المسلحة وان وحدات الهندسة ابطلت عدة قنابل لكن الحذر مطلوب لوجود قناصة على طول الطريق وهو طريق جبلي ملتوي وصعب المسالك كما ذكرنا بان وحدات للدرك والشرطة سترافقنا في صعودنا الى الزيتونة. كانت مدينة القل تعيش حياة عادية رغم المخاطر المحدقة وكان النشاط يدب في المدينة تحضيرا للاحتفال براس السنة الميلادية. توجهنا  بسيارتنا الى الزيتونة وظهر لاول مرة المقاومين وهم مجاهدي الثورة الذين عادوا مرة اخرى الى ساحة الوغى دفاعا عن الوطن. كان عددهم قليل ولاسباب امنية كان القناع ضروريا في هذه الفترة لحساسية الموقف. غادرنا القل وكانت الشرايع هي البلدة التي تلي القل وتسبق الزيتونة تفاجات لوجود حركة كثيفة ومجموعة من المواطنين يلعبون الكرة الحديدية.دخلنا الى الزيتونة وهي مقر للدائرة وكانت الحركة شبه معدومة والمواطنين بقلتهم لا ينظرون الى الموكب من شدة الخوف والجدران كانت تحمل شعارات الجماعة المنددة بالنظام ورموزه. توجهنا الى مركز التكوين المهني الذي تحول الى ثكنة عسكرية وقد تواجدت فيه الوحدات العسكرية الخاصة ومغاوير البحرومسؤلي الزيتونة الذين يسيرون المنطقة من القل للاسباب الامنية المعروفة. حطت طائرة مروحية وكان على متنها والي الجهة وقائد القطاع العسكري  والاثنين بلباس عسكري مزودين بسلاح الكلاشتكوف. توجه الجميع الى احد قاعات الدراسة كانها قاعةاركان عمليات وقد زودنا بسندويتش وجلس الاثنين مقابل مسؤولي الولاية. كانت للوالي كلمة  مقتضبة عن مغزى هذا الاجتماع الاستثنائي في زمانه ومكانه ثم خص اثنين من الحضور بتوجيهاته فطلب مني اقتراح لفك العزلة عن هذه المناطق بعد ان قامت الجماعات الاجرامية بحرق جميع العربات العمومية المخصصة للنقل في هذه الجهة.  وامام هذا الطلب  و هذا التحدي الكبير اجبت الوالي بانه يمكن للبلديات ان تقوم باترخيص المؤقت لاي شخص يريد ان يقوم بمهمة التواصل في هذه الجهة لمدة عام على ان تقوم المصالح الولائية باعداد الرخص النهائية فيما بعد. استحسن الوالي هذه الفكرة وقال انه سيتم العمل بها فورا واعلام وزارة الداخلية بذلك وقد عممت تلك الوزارة ذلك على جميع الولايات. ثم وجه كلامه الى رئيس بلدية الشرايع وطلبه باعداد قائمة بمجموعة من المواطنين للالتحاق بجهاز جديد سيتم انشاءه للتكفل بامن المواطنين والذي سمي فيما بعد بالحرس البلدي. اجابه  رئيس البلدية بان المواطن لا يستطيع النظر الى مقر البلدية فكيف ان يلتحق بسلك امني. رفعت الجلس وطلب منا السيد مرابط والي ولاية سكيكدة بالتوجه الى ثانوية الزيتونة التي تم حرقها وكان لنا ذلك.  شعر الجميع والوقت يداهم الجميع بالخوف فطماننا الوالي بانه سيكون ضمن الموكب السيار وكان تفكيري متجه لطريقة الهرب في الادغال  وكانت خشيتي من الحيوانات المفترسة وكان لباسي في ذلك اليوم عملي يميل اى لباس نهاية الاسبوع اكثر منه هندام رسمي وسيساعدني لا محالة في الهرب. عند وصولنا الى القل شعر الجميع بان الخطر قد زال مع العلم ان الطريق بين القل وتمالوس كان دائما مصرحا للكمائن وبالرغم من ذلك فان النزول من الزيتونة كان يعتبر بحد ذاته تخلص من كابوس. في العاشرة ليلا وصلنا الى مدينة سكيكدة فشعرنا وكاننا في الجنة وعند وصولنا الى بيوتنا راينا الفرحة تعود الى الجميع بعدما عاشوا يوما ساده الخوف والترقب

 

29/10/2010

Commenter cet article