Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
سرييجنا

المنارة...الرعب في ليبيا والكنس في مصر

21 Février 2011, 19:43pm

Publié par سفير

سيناريوهات مرعبة في ليبيا  atwan.jpgعبد الباري عطوان
2011-02-20 جريدة  القدس 

 

 

لا احد يعرف بالضبط ما يجري في ليبيا، فباستثناء ما يبثه التلفزيون الليبي من انباء عن مظاهرات مؤيدة للعقيد معمر القذافي في العاصمة طرابلس يشارك فيها الآلاف من مؤيديه، تبدو الصورة غامضة تماما. فالسلطات حجبت شبكة الانترنت، و'الفيس بوك' والبلاد ليس فيها مراسلون أجانب، ومن يراسلون وكالات الانباء العالمية هم في الغالب من صلب النظام، وان يكن بعضهم ليس كذلك، فهم يخشون بطشه.
وهذا لا يعني ان الوضع كان افضل قبل اندلاع الانتفاضة الليبية الحالية في اجزاء عديدة من مدن البلاد، فليبيا كانت اشبه بجمهورية انور خوجة في البانيا قبل انهيار منظومة الدول الاشتراكية في اوروبا، مع فارق اساسي وهو ان الزعيم الليبي يجلس على ثروة مالية ضخمة تزيد عن 200 مليار دولار من الفوائض المالية النفطية، علاوة على خمسين مليار دولار تدخل الخزينة الليبية سنويا.
الانتفاضة الحالية في ليبيا ليست عائدة الى عوامل اقتصادية، وانما الى عوامل سياسية بحتة، فالشباب الليبي الذي يشكل حوالي 52' من مجموع السكان (تحت سن 25 عاما) غير مستعد ان يقبل الهوان والذل اللذين كان يقبلهما آباؤه على مدى الاربعين عاما الماضية، واصبح يطالب بالتغيير الجذري، للوصول الى العدالة الاجتماعية والتغيير الديمقراطي وتوزيع ثروة البلاد على اسس المساواة.
دائرة الانتفاضة الليبية تتسع وتمتد الى محافظات ومدن خارج منطقة برقة في الشرق، حيث تتحدث انباء عن وصولها الى الزاوية غرب طرابلس، ومصراتة، وبعض احياء العاصمة وغدامس منطقة الامازيغ في الجنوب.
المتظاهرون يريدون تغيير النظام واقتلاعه من جذوره، والنظام يريد سحق الانتفاضة، ولهذا تتصاعد ارقام القتلى والجرحى بشكل مرعب، حيث تستخدم القوى التابعة للنظام الذخيرة الحية والقنابل الصاروخية في تصديها للمحتجين، وهناك من يتحدث عن مقتل حوالي 400 شخص حتى الان وسقوط آلاف الجرحى.
' ' '
النظام الليبي تعلم من تجربتي تونس في الغرب ومصر في الشرق، وهو يعتقد ان تردد النظامين فيهما في ارتكاب مجازر دموية ضد المتظاهرين هو الذي ادى الى سقوطهما، ولذلك حشد كل ما في جعبته من وسائل قمعية لاخماد الانتفاضة الشعبية، المنتفضون الليبيون تعلموا ايضا من تجارب زملائهم في تونس ومصر، من حيث الاستمرار في الاحتجاج، وعدم التوقف في منتصف الطريق، حتى تتحقق مطالبهم كاملة في تغيير النظام، ولذلك علينا ان نتوقع المزيد من المجازر، وآلاف الجرحى، والمؤلم ان المستشفيات الليبية في حال سيئة، بل سيئة جدا، وتفتقر الى ابسط وسائل الرعاية الطبية، مثلها مثل جميع الخدمات الاساسية في البلاد، وهي خدمات اهملها النظام بالكامل.
الزعيم الليبي لا يكن الكثير من الود للجزء الشرقي من بلاده، ومدينة بنغازي على وجه الخصوص، رغم ان هذه المدينة كانت من اكثر المدن الليبية مساندة لثورته ضد النظام الملكي في ايامها او سنواتها الاولى، وقد قرر ترفيع جميع طلاب كلية الحقوق في جامعة بنغازي دون امتحانات، لان طلاب هذه الكلية كانوا الاكثر حماسا في تأييدهم للثورة، فهذا الجزء كان مصدر متاعب وانقلابات، ومولداً للجماعات المتطرفة.
كراهية الزعيم الليبي للمدينة جعلته قليل الاقامة فيها، ودفعته لتغيير اسمها، تارة الى 'قار يونس'، او 'قورينا' وهو الاسم التاريخي لها في عهود الرومان، فمدينة بنغازي كانت الاكثر معارضة لنظامه واللجان الثورية الداعمة له في السنوات الاخيرة، وليس غريبا ان تنطلق الشرارة الاولى للانتفاضة الحالية منها، فقد تأثرت على مر العصور بما يجري في مصر، وكانت الاقرب لها، وابناؤها الاكثر قومية وتأثراً بالثقافة والسياسة المصريتين.
الزعيم الليبي شخص يتسم بالعناد والتصلب في مواقفه، والنزق في ردود فعله، ومن غير المتوقع ان يتنازل بسهولة لمطالب المنتفضين، فهو لم يتنازل لمطالب زملائه في مجلس قيادة الثورة، وتعامل مع معارضيه بقسوة غير معهودة، ولم يبق الى جانبه من اعضاء المجلس المذكور الا بضعة اشخاص يعدون على اصابع اليد الواحدة، مثل مصطفى الخروبي، وابو بكر يونس والخويلدي الحميدي (على علاقة نسب مع العقيد حيث تزوج ابنه الساعدي من كريمة الاخير).
الثورتان المصرية والتونسية انتصرتا لان المنتفضين كانوا طويلي النفس، ولان المجتمع في البلدين مجتمع مدني غير قبلي عماده طبقة وسطى قوية، ومواطنون حرفيون (مزارعون بالدرجة الاولى) بينما المجتمع الليبي يغلب عليه الطابع القبلي مثله تماماً مثل المجتمع اليمني، حيث يلعب العامل القبلي دوراً كبيراً في نجاح الثورة او فشلها، بقاء النظام او سقوطه. فما هو موقف قبائل المقارحة والعبيدات والزنتان بعد انضمام قبيلة الورفلة الكبيرة الى الانتفاضة؟ هناك عنصر آخر يمكن اضافته في هذا الاطار، وهو عدم وجود جيش قوي في ليبيا على غرار مصر وتونس. فالزعيم الليبي كان يخشى الجيش، ولا يثق به، ويعتبره خطراً على نظامه، ولهذا قرر حله تحت مسمى 'الشعب المسلح' كبديل، ويعود ذلك الى محاولة الانقلاب الاولى التي قام بها عمر عبد الله المحيشي عضو مجلس قيادة الثورة الذي اعدم لاحقاً بعد تسليمه من قبل ملك المغرب الراحل الحسن الثاني.
هذا لا ينفي ان هناك بقايا للجيش في ليبيا، ولكنه ضعيف التسليح، ومشكوك في ولائه، ومن المستبعد ان يلعب دوراً كبيراً في حسم الاوضاع لهذا الطرف او ذاك، وهذا ما يفسر لجوء الزعيم الليبي الى تعزيز دور الميليشيات وقوات الامن الخاصة التي يرأسها ابناؤه او افراد قبيلته.
' ' '
اصدقاء النظام الليبي قليلون في الوطن العربي، واصدقاؤه الجدد في الغرب ما زال عود صداقتهم اخضر لم يتصلب بعد، ولذلك من الصعب ان نتوقع اي مساندة قوية من الشرق او الغرب او الشمال، بل لا نستبعد ان نرى العكس تماماً، فسيناريو دارفور قد يتكرر في ليبيا اذا تصاعدت اعداد القتلى والجرحى، ونرى قراراً قد يصدر عن مجلس الامن بالتدخل تحت عنوان حماية الابرياء.. ولن نفاجأ ايضاً اذا نص القرار المذكور على مناطق حظر طيران في الشرق او الجنوب على غرار ما حدث في العراق قبل الغزو والاحتلال للعراق.
النظام الليبي يستخدم كل ما لديه من اوراق، سواء الامنية منها او الدعائية، فتسريب انباء عن قيام دولة امارة اسلامية في شرق ليبيا بعد سقوط المنطقة بالكامل في يد المتظاهرين هو احدى هذه الاوراق التي تريد تخويف الغرب من الحركة الاحتجاجية المتفاقمة.
الغرب من سوء حظ النظام لم يعد يقبل هذه 'الفزاعة'، او لم يعد قادراً بالاحرى على انقاذ حلفائه من الديكتاتوريين امام الثورات الشعبية. فاذا كان هذا الغرب تخلى عن الحليف الاكبر حسني مبارك، الذي قدم خدمات لاسرائيل وامريكا لم يقدمها الاوروبيون انفسهم، فهل نتوقع ان يتمسك بالزعيم الليبي معمر القذافي ونظام حكمه؟
الانتفاضة لن تتوقف في ليبيا، وكذلك محاولات النظام قمعها، ولذلك علينا ان نتوقع، ونقولها بألم شديد، المزيد من حمامات الدم، ولهذا فان ليبيا امام ثلاثة خيارات:
الأول: ان يرحل النظام طوعياً، تقليصاً للخسائر مثلما فعل الملك ادريس السنوسي عام 1969 عندما علم بانباء الثورة العسكرية، فتوجه الى القاهرة وعاش على صدقات نظام عبد الناصر بعد ان سلم كل ثروته او ما في عهدته من اموال للنظام الجديد، بما في ذلك سيارته الرسمية. الثاني: ان ينفرط عقد الوحدة الليبية الى دولتين او ثلاث، بحيث يبقى النظام في احداها. الثالث: ان تمتد الانتفاضة الى مختلف انحاء البلاد وتجبر رأس النظام واسرته على الهرب ربما الى احدى الدول الافريقية للنجاة بجلده تجنباً لملاحقات او محاكمات لاحقة.
الخيار الاخير.. خيار انتصار الانتفاضة الليبية وبقاء البلاد موحدة هو الأكثر ترجيحاً في نظرنا، وان كنا نعترف بأنه احدى اماني الغالبية الساحقة من الشعوب العربية

                                                                                                

كنس النظام بعد قطع الرأس43150.jpg عبد الحليم قنديل' كاتب مصري
2011-02-20جريدة  القدس 

 

 

قبل خمس سنوات، كان المانشيت الرئيسي لجريدة 'الكرامة' ـ وقت أن كنت رئيسا لتحر يرها ـ على النحو التالي بالنص 'سقوط مبارك في ميدان التحرير'.
وقد تحققت النبوءة بأكثر مما كنت أتوقع، كان تصوري ـ وقتها ـ أن يخرج المصريون في 'مظاهرة المئة ألف' بميدان التحرير في قلب القاهرة، وأن تكبر كرة النار إلى حافة المليون متظاهر، وفي ما جرى أخيرا، فقد بدأ المصريون فعلا بمظاهرة المئة ألف مساء 25 كانون الثاني/يناير 2011، لكنها في أيام صارت بثلاثة ملايين في ميدان التحرير وحده، وبخمسة ملايين في المدن الأخرى شمالا، وبما يقارب المليونين جنوبا، صار المليون الذي حلمت به عشرة ملايين، وفي غضب طافح يشبه براكين الطبيعة، وفي أرقى صور التظاهر والاحتشاد السلمي التي عرفها العالم، وزاد الحشد كثافة، وصعد إلى ذروته مع إجرام أمني وقع يوم 'جمعة الغضب' 28 كانون الثاني/يناير، ثم مع 'موقعة الجمل' في ميدان التحرير، التي بدا فيها نظام مبارك على أصله الجاهلي، كان الخطأ الأمني خلقيا ولا مفر منه، فأنت لا تستطيع أن تربي وحشا، ثم تمنعه من نهش الناس، وقد كان التوحش الأمني بلا مثيل في مصر، جيش أمن داخلي يقترب تعداده من المليوني فرد، وبقيادة الجنرال حبيب العادلي رجل عائلة مبارك، وانهار جيش العادلي في حربه الدموية على 'كوبري قصر النيل' المؤدي لميدان التحرير، وأثبت شباب الثورة الشعبية المصرية صلابة وبسالة مذهلة، وإلى اليوم الثامن عشر من عمر الثورة، الذي سقط مبارك في نهايته، بعد تلكؤ التراجعات المراوغة، ثم التفويض لنائبه، ثم التنحي النهائي .
انتهت ثورة مصر الشعبية العظمى إلى قطع رأس النظام، وطرده من كرسي الرئاسة بإذلال يستحقه، وبتساقط رؤوس جماعته المالية والأمنية، وانتهت إدارة البلد مؤقتا إلى الجيش، وإلى 'المجلس الأعلى للقوات المسلحة' بالتحديد، وللجيش المصري مكانة عظيمة في نفوس المصريين، فلم يدخل الجيش أبدا في صدام مع المصريين، وعلى مدى قرنين هو عمر الدولة المصرية الحديثة، وعلى خلفية الرسوخ التاريخي لدولة عمرها آلاف السنين، كان الجيش عنوانا للفخار والمجد، وكان النواة الصلبة للتكوين المصري، كان مواكبا لصبوات مصر وأحلامها، كان الجيش يشعل الثورات على طريقة أحمد عرابي وجمال عبد الناصر، أو يساند الثورات ولا يخاصمها، وقد فعلها الجيش هذه المرة أيضا، ورفض تنفيذ أوامر الرئيس المخلوع بإطلاق النار على المتظاهرين، واصل سيرته الحسنة، ولكن مع الوعي بتغيرات جرت على الجيش في ثلاثين سنة مضت على عقد ما يسمى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، فقد جرى إضعاف مكانة الجيش.
وجرت ظواهر تجريف واحتواء في أنساقه العليا بالذات، وفي مقال، من جزءين، خاطرت 'القدس العربي' بنشره لي أواخر عام 2007، ثم ظهر أواسط العام 2008، في كتابي 'الأيام الأخيرة'، وحمل عنوان 'إذا حكم الجيش مصر'، فقد توقعت السيناريو الذي يحدث فعليا الآن، وقلت انه 'إذا حكم الجيش مصر'، فلن تكون المهمة سهلة، فقد تحول الجيش إلى قوة فيزيائية بأكثر من كونه قوة سياسية، وقدرت أن مزيجا من قوة الجيش والقوى المدنية قد يتشكل، وأن نوعا ما من 'الصيغة التركية' هو الأقرب للتحقق، وفيما بدت قيادة الجيش على حالة من الارتباك والحيرة في البداية، فقد سقطت ثمرة الثورة الجديدة في حجرها، بينما لا تبدو مستعدة لأخذ الأمور إلى نهاياتها، وفضلت أن تكون المهمة مؤقتة جدا، ولمدى ستة شهور تنتهي بانتخاب رئيس وحكومة مدنية، وهو ما بدا إيجابيا بالطبع للحريصين على سرعة التحول إلى حياة مدنية ديمقراطية، بدا الجيش كوسيط مؤقت، وبدت اختياراته للجنة تعديل الدستور لافتة جدا، فقد اختار المستشار طارق البشري لقيادة المهمة العاجلة، وطارق البشري ـ كما هو معلوم ـ بتمتع بثقة هائلة في أوساط التيارين القومي والإسلامي بالذات .
وبالقطع، فقد لا يكون دور الجيش كوسيط هو الصيغة النهائية، فالأيام العواجل تبدو حبلى بالنذر، وانتخابات الأجل القصير للبرلمان والرئاسة لا تبدو ختاما للمشهد، بل ربما نكون، فقط، بصدد لحن افتتاح صاخب، فالوجع المصري مركب ومتعدد الجوانب، والتقدم إلى إجراءات ديمقراطية موثوق بها مطلوب جدا، وموضع إجماع سياسي، لكنه، باليقين، ليس الوصفة السحرية، ولا تميمة النجاة من العواصف، فالثورة الشعبية المصرية تفتتح بالكاد فصلها الديمقراطي الأول، وثمة فصول أخرى اجتماعية ووطنية قد تكون أكثر عنفا، وقد توالت النذر الاجتماعية، سرت موجات من الاحتجاج الاجتماعي في كافة الهيئات والمرافق والمصانع، وعلى اتساع الجغرافيا المصرية، وبدت قيادة الجيش ـ المكلف بإدارة البلد ـ في حيرة مضاعفة، فهي تريد انضباط السكان كما انضباط العسكر، وتريد بيئة هادئة ومستقرة، ولا تريد أن تقحم نفسها في معضلات كبرى شائكة، وهي تؤكد احترامها للاتفاقات والمعاهدات الدولية والإقليمية، وهي تعني أنها لن تمس ما يسمى معاهدة السلام، وما ترتب عليها من قيود، لكنها تغفل عن مطالب عاجلة بالخصوص، خاصة ما تعلق منها بتنفيذ أحكام قضائية نهائية باتة.
ومن نوع إعادة فتح معبر رفح الذي أعيد غلقه في أيام اشتعال الثورة، وقف تصدير الغاز لإسرائيل، وتقرير حد أدنى للأجور بقيمة 1200 جنيه مصري شهريا، وتقرير إعانة بطالة للعاطلين بقيمة نصف الأجر، وهو ما يجب أن يلتفت إليه المجلس العسكري، وقد يعني إهماله توليد أزمات كبرى، فلا يصح أن يطلب من الناس وقف الاضرابات والمظاهرات الاجتماعية، مع ترك الظلم الفادح على حاله، فالشعب لم يسقط مبارك لكونه ديكتاتورا مستبدا فقط، بل لأنه عنوان انحطاط وظلم وفساد شامل، وإعادة تدوير عجلة الانتاج ـ كما يطلب المجلس العسكري ـ مطلوب جدا، لكن مع وقف عجلة الفساد، وإقرار الحد الأدنى من مبادئ العدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية، خاصة أن سؤال نقص الموارد مردود عليه، وإصلاح الخلل الجنوني في نظام الأجور يكفي لتنفيذ الحكم القضائي فورا، ودستور الأجور مهم تماما كدستور الحريات، ثم ان إجراءات تصفية وكنس نظام مبارك الفاسد تبدو متباطئة جدا، وتأجيل المهمة لحين إجراء انتخابات الرئاسة قد يضيع الفرصة، وما جرى من تنحية مبارك وقطع رأس النظام سياسيا لا يكفي، والسؤال الأهم عن مصير ثروة عائلة مبارك، التي ذهبت التقديرات بصددها إلى ما يقارب السبعين مليار دولار، والمعلومات بصدد تهريبها متاحة، ودور المجلس العسكري الحاكم هو استرداد هذه الأموال فورا، وكلها مسروقة من موارد وثروة الشعب المصري، أضف، إلى سرقات العائلة، تريليونات الدولارات التي ذهبت لمليارديرات البيزنس الحرام، فلا تكــفي أوامر المنـــع من السفر، بل لابد من عقد محاكمات عاجلة حتى لو كانت عسكرية، خاصة في استرداد الأراضي الممنـــوحة بالمجان تقريبا لمليارديرات وأصدقاء الرئيس المخلوع وعائلته، واسترداد المصانع المباعة برخص التراب، والموقوفة عن العمل بأوامر زبائن الخصخصة، فالديمقراطية المطلوبة ليست مواعيد وتعـــــديلات وإجراءات، إنها ـ في الأصل ـ حكم القانون لا حكم الغابة الموروث عن عهد الرئيس المخلوع، إنها، في الأصل، حكم الشعب لنفسه وبنفسه، واستعادة سيطرته على موارده ومقدراته المنهوبة، وقد نهبت مصر، في ظل حكم الرئيس المطرود، كما لم تنهب في تاريخها الألفي .
وحتى في إجراءات الانتقال لحكم ديمقراطي، لا يبدو تعديل الدستور وتحديد مواعيد الانتخابات كافيا، فمصر تحتاج إلى دستور شعبي ديمقراطي جديد، ونقطة البدء ـ المعلقة إلى الآن ـ هي إطلاق الحريات العامة، أي إنهاء حالة الطوارئ المتصلة لثلاثين سنة، والإفراج التام عن المعتقلين السياسيين، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات، والاقرار القانوني بحريات التظاهر والاعتصام والإضراب السلمي، وتنظيم إجراءاتها، وهذه مهمة أولى ولا تحتمل التأجيل، ولا تتطلب غير قرارات تصدر بجرة قلم، خاصة أن 'المجلس العسكري' أعطى لنفسه حق إصدار مراسيم لها قوة القانون، ويستطيع أن يفعلها الآن، وبغير احتياج إلى موارد مال .فالمطلوب الآن ـ وبغير تأجيل ـ كنس النظام الذي قطعت الثورة رأسه.

 

 

لمتابعة ما يتم نقله من  المصادر والمواقع الاخرى انقر على

 

Commenter cet article